1_ قال زيد بن ثابت رضي الله عنه : أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن . قلت لعمر : كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!. قال عمر : هذا والله خير . فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك , ورأيت في ذلك الذي رأى عمر . قال زيد : قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه. ... قلت : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله ؟!! . قال : هو والله خير . فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
أقول : لابد من وقفتين :
الأولى : عند قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!! وهذا يدل على أنهم كانوا يتوقفون عند الوهلة الأولى عن فعل أي شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثانية : عند قول عمر هو والله خير ، ثم قول أبي بكر وقول زيد بن ثابت فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، وهذا يعني أنهم ما كانوا يرون أن كل مستحدث في الدين هو بدعة ضلالة ، وأنه إذا تحققت خير يته - من حيث التوافق مع الكتاب والسنة وتحقيق مقاصدهما - فإنه إذ ذاك يكون حسناً .
2_ عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ،... فلما كانت الليلة الرابعة ... فتشهد ثم قال : أما بعد ، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها . فتوفي رسـول الله صلى الله عليه وسـلم والأمر على ذلك
وعن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ،... ثم عزم فجمعهم على أبيِّ بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون
أقول : بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الخشية من أن يفرض ما لم يكن بفرض؛ فإن عمر رضي الله عنه صار بإمكانه أن يجمع الناس على قيام رمضان ، كما حدث في الليالي الثلاث التي أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الناس .
وقد يُظن أن صلاة التراويح التي جمع عمر رضي الله عنه لها الناس هي امتداد للتي صلاها عليه الصلاة والسلام ، والواقع أنها تختلف عنها ، وذلك أن عمر دخل المسجد مرة بعد انقضاء صلاة العشاء ، فوجد الناس يصلون وهم أوزاع وأشتات متفرقون ، فرأى أن يجمعهم على قارئ واحد ، فجمعهم على أبيّ بن كعب ، وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكانت في جوف الليل ، ثم إن عمر دخل المسجد مرة فرآهم يصلون مجتمعين ، ووجد ذلك خيراً من التفرق ، إلا أن انشغالهم بالصلاة في هذا الوقت عن القيام في الثلث الأخير ليس الأفضل ، ولذا فإنه قال : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون .
أي لو حرص الناس على القيام بالسنة تماما ً لناموا في هذا الوقت وقاموا في الثلث الأخير ، ولكن لو غلب على الظن أن معظمهم لن يتحقق له ذلك فالأولى أن يشغلوا الوقت بعد صلاة العشاء بالقيام ، وأن يجتمعوا ولا يكونوا متفرقين ، ومن ههنا يقول عمر رضي الله عنه عن الاجتماع للقيام في هذا الوقت إنه بدعة ، ولكن نعم البدعة هذه .
ويقول بعض الناس إن البدعة هنا لغوية لا شرعية ، فأقول : سمها ما شئت ، فليس الخلاف في التسمية ، ولكن هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس شيئا ًمن قيام رمضان بعد صلاة العشاء ؟!! فإن وجدت ذلك فهذا الذي فعله عمر سنة ، وإلا فقد استحدثه عمر لما يتحقق فيه من الخير ، وسماه بدعة ، وقال : نعم البدعة .
وقد كان كثير من السلف يفضلون التهجد في ليالي رمضان على صلاة التراويح . ومن هذا قول أشعث بن أبي الشعثاء : شهدت مكة في زمان ابن الزبير في رمضان والإمام يصلي يقوم على حدة والناس يصلون في نواحي المسجد . وقول أيوب السخستاني رحمه الله : رأيت عبد الله بن أبي مُليكة يصلي بالناس في رمضان خلف المقام بمن صلى خلفه والناس بعد في سائر المسجد من بين طائف بالبيت ومصلٍّ . وقول إبراهيم النخعي الكوفي رحمه الله : كان المتهجدون يصلون في جانب المسجد والإمام يصلي بالناس في شهر رمضان
3 ـ قال السائب بن يزيد رضي الله عنه : كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداءَ الثالث على الزوراء.
أقول : الأذان إعلام بدخول وقت الصلاة والفوز بالفلاح ، والسنة في الأذان للجمعة أن يكون إذا جلس الإمام على المنبر ، فهل يجوز استحداث أذان قبل ذاك الأذان إذا كثر الناس واقتضت الحاجة إعلامهم ليتوجهوا إلى الصلاة ؟ هذا ما جعل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه يأمر باستحداث ذلك الأذان .
لكن جاء عن بعض السلف أن الأذان الأول يوم الجمعة بدعة ، وهذا قول ابن عمر والحسن البصري والظاهر أن المراد أنه لم يكن ، لا أنه بدعة مذمومة .
4ـ روي عن علي رضي الله عنه أنه خرج يوم عيد ، فوجد الناس يصلون قبل خروجه ، فقيل له : لو نهيتهم ! . فقال : ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها والسند ضعيف .
وعن رجل أنه قال : جاءنا ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد قبل خروج الإمام فصلوا ، وجاء ابن عمر فلم يصل . فقال الرجل لابن عمر في ذلك ، فقال ابن عمر : مالله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه وفي السند ذلك الرجل المبهم فهو ضعيف .
أقول : من الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قبل صلاة العيد ولا بعدها شيئاً ، كما أخبر بذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وكان ابن مسعود وحذيفة بن اليمان يتمسكان بذلك ، حتى إنهما كانا يجلّسان من رأياه يصلي قبل خروج الإمام يوم العيد ومن جهة أخرى نجد روايات عن جماعة من السلف يرون أن لا حرج في الصلاة قبل صلاة العيد أو بعدها أو قبلها وبعدها ، منهم أنس وأبو هريرة والحسن البصري وفي هذا السياق تأتي الكلمة المروي عن علي رضي الله عنه إذ وجد الناس يصلون قبل خروجه فأبى أن ينهاهم وقال : (( ما أنا بالذي أنهى عبد اً إن صلاها )) .
أقول : لا أرى بأساً بالاستئناس بها مع ضعف السند هنا ، للتوافق بينها وبين ماروي عن جماعة من السلف الآخرين ، والذي فيها هو الإشارة المعبرة عن ملحظ هؤلاء وهو أنها صلاة نافلة ، والنوافل مبناها على السعة ، فمن أحب أن يصلي فليصلّ ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن فعلها ، ومن هنا فلا يصح تشبيهها بالصلاة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ، إذ شتان بين ما لم يفعله صلى الله عليه وسلم ولم ينه َ عنه وبين مانهى عنه .
وفي هذا السياق كذلك تأتي الكلمة المروية عن ابن عمر رضي الله عنهما ، فهو قد ثبت عنه أنه كان لا يصلي قبل العيدين ولا بعدهما شيئاً وهذا ليس بمستغرب عنه لما عُلم من شدة تحريه في الاتباع ، ولكن وجه الاستئناس بقوله ((ما الله تبارك وتعالى برادٍّ على عبد إحساناً أحسنه )) إن ثبت عنه ؛ أنه مع كونه لا يرى التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها فإنه لا ينهى من صلى من ذلك شيئاً ، ويرى أن الصلاة من الإحسان وأن الله تعالى لا يردها على عبده ، ولعل هذا الأثر عن ابن عمر يقوي الأثر الوارد عن علي رضي الله عنهم جمعيا ويتقوى به ، ويُعلم بهما وبالآثار الواردة الأخرى أن لهذا أصلاً من عمل السلف .
5 ـ قال عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي :كنا مع عبد الله بن مسعود بِجَمْع فلما دخل مسجد منى سأل كم صلى أمير المؤمنين ؟ . قالوا : أربعاً . فصلى أربعاً , فقلنا : ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وأبا بكر صلى ركعتين ؟! . فقال : بلى , وأنا أحدثكموه الآن , ولكن عثمان كـان إماماً فما أخالفه ، والخلاف شـر
أقول : فرضي الله تعالى عن ابن مسعود ما أفقهه !! .
كان ابن مسعود يعلم أن السنة أن تصلى الصلوات الرباعية بمنى ركعتين ، وأن صلاته إياها أربعاً هي بخلاف ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان صدراً من خلافته ، ولكنه ما كان يراها بدعة ضلالة ، بل كأنه كان يراها خلاف الأَولى ، فإذا فعلها إمام المسلمين لأمر ما ـ ولا شك في أن له عذراً في ذلك ـ صار فعلها على وَفق ما صنع الإمام هو الأَولى .
ولو كان يراها بدعة ضلالة لما جاز له أن يحرص على موافقة المخلوق في معصية الخالق جل وعلا , فتأمل .
6 ـ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صلاة الضحى : بدعة ، ونعمت البدعة . وقال : إنها محدثة ، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا .
وهذا ثابت عن ابن عمر ، وهو بخلاف قول من لا يفرقون بين درجات المحدثات.
وحيث إن موضوع صلاة الضحى قد اكتنفه شيء من الغموض فأرى أن أكتب شيئاً في توضيحه بإيجاز ، فأقول وأنا أبرأ إلى الله تعالى من حولي وقوتي طالبا منه سبحانه الهداية والسداد :
صلاة الضحى سنة مؤكدة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله ، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهنَّ حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله فصلاة الضحى سنة ، وليست بمحدثة ولا بدعة .
فما الذي جعل عدداً من الصحابة يقولون ما يفيد ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي صلاة الضحى ؟؟ .
حدث في خلافة عثمان رضي الله عنه أن كثيراً من الناس اعتادوا أن يمروا بالمسجد غقب خروج وقت الكراهة فيصلوا صلاة الضحى ، وشاع هذا الاستعمال على الألسنة حتى طغى هذا المصطلح الجديد ، وصار لا يفهم من قولك صلاة الضحى أو سبحة الضحى إلا أن تتوجه إلى المسجد بُعيد الشروق فتصليها فيه , بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على صلاتها اذا رمضت الفصال بالهجير.
ومن القرائن الدالة على ذلك قول ابن جريج رحمه الله : وقال ناس : أول من صلاها أهل البوادي ، يدخلون المسجد إذا فرغوا من أسواقهم . وقول طاووس : إن أول من صلاها الأعراب ، إذا باع أحدهم بضاعة يأتي المسجد فيكبر ويسجد [ ] . ويؤكد ذلك ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه , فقد قال مسروق بن الأجدع : كنا نقعد في المسجد فنثبّت الناس في القراءة بعد قيام ابن مسعود , ثم نقوم فنصلي الضحى , فبلغ ذلك ابنَ مسعود , فقال : عبادَ الله , لا نحمّلوا عباد الله ما لم يحملهم الله , إن كنتم لا بد فاعلين ففي بيوتكم
وفي ظل المصطلح الجديد ـ على ما يبدو ـ يأتي جواب ابن عمر عن سؤال مورّق العجلي ، قال مورق : قلت لابن عمر : أتصلي الضحى ؟ . قال : لا . قلت : فعمر ؟ . قال : لا . قلت : فأبو بكر ؟ . قال : لا . قلت : فالنبي صلى الله عليه وسلم ؟. قال : لا إخاله . وكذا قول عبد الرحمن بن أبي ليلى : ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ ، فإنها قالت : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعات [ ] . وكذا رواية نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يصلي من الضحى إلا في يومين : يوم يقدم مكة ، فإنه كان يقدمها ضحى فيطوف بالبيت ثم يصلي ركعتين خلف المقام ، ويوم يأتي مسجد قباء ، فإنه كان يأتيه كل سبت ، فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يصلي فيه . وكذا قول عائشة رضي الله عنها : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبّح سبحة الضحى ، وإني لأسبحها . وكذا جوابها لعبد الله بن شقيق حين سألها : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى ؟ . فقالت : لا , إلا أن يجيء من مغيبه
إذا عُلم هذا فإن ابن عمر عندما كان يُسأل عن صلاة الضحى - وهذا يعني عندهم المعنى الذي صار متعارفا ً عليه - فإنه يقول إنها بدعة وإنها محدثة ، أي من حيث تخصيص العبادة بمكان و زمان لم يخصصهما لها الشرع .
هذا وقد روى أربعة من التابعين عن ابن عمر قوله في حكم صلاة الضحى :
فأما مجاهد فإنه دخل المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة ، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى ، فسأله عن صلاتهم ، فقال : بدعة وجاء عنه عن ابن عمر أنه قال : إنها محدثة ، وإنها لمن أحسن ما أحدثوا وأما الحكم بن الأعرج فقد سأل ابن عمر عن صلاة الضحى وكان جوابه - حسب رواية أحد الراويين عنه - أنه قال : بدعة . وكان جوابه – حسب رواية الراوي الثاني عنه – أنه قال : بدعة ، ونعمت البدعة
وأما سالم بن عبد الله بن عمر فقد روى عن أبيه أنه قال : لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها ، وإنها لمن أحب ما أحدث الناس إليّ
وأما سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي فقد روي عنه أنه قال : أَتْبعني أبي عبدَ الله بن عمر لأتعلم منه ، فما رأيته يصلي السبحة ، وكان إذا رآهم يصلونها قال : من أحسن ما أحدثوا سبحتهم هذه و كما أثنى ابن عمر على ما أحدثه الناس من صلاة الضحى فإن علياً رضي الله عنه كان يُذكر له هذه الصلاة التي أحدث الناسُ فيقول : صلوا ما استطعتم ، فإن الله لا يعذب على الصلاة
وخلاصة الأمر أن الناس أحدثوا أمراً جديدا في صلاة الضحى ، وهو التزامهم بأداء هذه العبادة في أول وقتها في المسجد ، وأن ابن عمر يحكم على فعلهم هذا بأنه بدعة ومحدثة ، وأنه هو ما كان يصليها كما يصليها الناس ، ومع ذلك فقد أثنى على ما يفعلونه بأنه نعمت البدعة ، وأنه من أحسن ما أحدثوا . ولعل ذلك لما رأى من نشاط الناس لأداء هذه العبادة في المسجد ، ولتوقعه أن كثيراً منهم لو حُذِّروا من أدائها في المسـاجد وأُلزموا أن يفعلوها في البيوت لأصابهم الفتور ، ومن ههنا تحققت الخيرية لما ألزم الناس أنفسهم به .
7 - روي عن ابن عمر أنه سئل عن صوم يوم عرفة بعرفة فقال : حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، وحججت مع أبي بكر فلم يصمه ، وحججت مع عمر فلم يصمه ، وحججت مع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ، ولا آمر به ، ولا أنهى عنه وفي السند راو مبهم فهو ضعيف .
ولو صح السند إلى ابن عمر لكان في هذه الرواية حجة لمن يرى أن الأمر قد يكون بدعة ولا يكون ضلالة ، حيث إن ابن عمر قال (( ولا أنهى عنه )). ولكن هذه الرواية يُستأنس بها ، حيث إنها تنسجم مع ما تقدم مما يبين طريقة ابن عمر , والله أعلم .
فإن قيل : لو كانت الزيادة على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها خير لكان هو أولى بالسبق إليها و الدلالة عليها ، وقد قال صلى الله عليه و سلم : (( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم فالجواب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة ، ودل الأمة على خير ما يعلمه لهم ، وأنذرهم شر ما يعلمه لهم ، بنصوص تفصيلية في مواطن ، وبنصوص عامة في مواطن أخرى ، وترك لهم مساحة من المسكوت عنه ، ليقع الاجتهاد والتسابق في الخيرات والتفاوت في الأجر .
أما هو صلى الله عليه وسلم فقد قالت عائشة رضي الله عنها ما تضمن الجواب عن ذلك ، قالت : إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيدع العمل وهو يحب أن يعمل به ، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.