هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يمان صفريني
رائد روحي
رائد روحي
يمان صفريني


عدد الرسائل : 272
العمر : 26
السٌّمعَة : 0
نقاط : 1132
تاريخ التسجيل : 26/02/2010

مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية Empty
مُساهمةموضوع: مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية   مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية I_icon_minitimeالإثنين مارس 01, 2010 2:29 pm

مستقبل اللغة العربية: حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً ـــ د.عبد الله أبو هيف*

ملخص البحث:‏

يتفق معظم الدارسين والمعنيين باللغة العربية على أن مستقبل اللغة العربية مرهون برؤية تحديات العصر التي تنضوي تحت لواء امتلاك سلطة المعرفة بمفهومها الجديد، وقوامها المعلوماتية والاتصالات والتقانة (التكنولوجيا) بالدرجة الأولى.وقد خصصت البحث في مدار حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً. ومهدت له بمقدمة تؤطر الموضوع الرامي إلى الإندماج بمجتمع المعلومات عامةً وعلاقة اللغة العربية بالحوسبة والنظر إليها لدى اللغويين العرب خاصةً، وألمحت إلى بعض تحديات الحوسبة على سبيل المثال لا الحصر، لأنها كثيرة، مثل النشر الإلكتروني وأهمية تعريبه. وأفردت حيزاً لمعاينة مسألة التفكير العربي بالحاسوب وتطوير استطاعة اللغة العربية المعلوماتية.‏

ونظرت في مفهوم حوسبة المعجم العربي وواقعه، ثم عالجت، على سبيل التخصيص بعض قضايا تحديات حوسبته، مثل النحو وتيسيره من جهة، والتغيرات الدلالية من جهة ثانية، ووضع المصطلحات وتوليدها من جهة ثالثة، وتوظيف التقنيات العصرية من جهة رابعة، وختمت البحث بالحديث عن آليات معجم عربي جديد.‏

وأوردت في الخاتمة خلاصة البحث من خلال إيراد بعض الحلول لهذه المشكلة اللغوية والتقنية.‏

تواجه اللغة العربية تحديات راهنة ومستقبلية كثيرة مما يستدعي عمليات النهوض بواقعها ومجاوزة أوضاع التهميش والإهمال والركود في معالجة مشكلاتها المتصلة بمخاطر الاستتباع والهيمنة والعولمة، ما لم تواجه هذه المشكلات بالإسهام العربي في إنتاج مجتمع المعلومات، وثمة خطر أشد، ناجم عن الضعف العربي الداخلي في النظر إلى هذه المشكلات لدى الجهات المعنية باللغة العربية ومن وزارات التربية والثقافة والإعلام والتعليم العالي إلى المجامع اللغوية ومؤسسات البحث العلمي والنشر والمعنيين باللغة العربية علماء وأدباء وفنانين وفنيين استسلاماً أمام هذه التحديات ومؤثراتها الأجنبية المتفاقمة. على أن الأمر يتعلق بمسألة حيّة هي أن مواجهة العولمة تعني الإسهام في امتلاك سلطة المعرفة بمفهومها الجديد الذي لا يخرج كثيراً عن أهداف مجتمع المعلومات في إثارته لقضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي وإدارة الانترنيت والتنوع الثقافي، وتسميّ بعض الأطراف الأمر الأخير "الاختلاطات الثقافية" عند التذرع بمواجهة العولمة، ويستدعي ذلك، بالنسبة للغة العربية ربط المعلوماتية بالتنمية اللغوية لأن المشكلات اللغوية لا تتصل بالجانب اللغوي وحده، فثمة اندماج واسع وعميق للغة في مجتمع المعلومات المستقبلي إذ أردنا المشاركة فيه والانضواء تحت لوائه، وإذا كان مجتمع المعلومات ما يزال في مرحلة الطفولة كما أشارت القمة العالمية لمجتمع المعلومات (جنيف 17 كانون الأول 2003)، فإن الإسهام في إنتاج المعلومات هو المنطلق الرئيس لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وتستند هذه المواجهة للتنمية اللغوية إلى حلول قومية ووطنية للبنية التحتية للمعلوماتية بجوانبها " الاقتصادية" و"حماية الملكية" و"الأمن الثقافي" والتعليم المتخصص وغير ذلك، وأظهرت القمة المذكورة أن تحدي اللغة وثيق الصلة بتحدي التعليم والتدريب التقني على المعلوماتية(1)لإدخال اللغة العربية في مجتمع المعلومات المقبل الذي بدأت علاماته وبشائره بالنسبة للكثيرين بالإشراق والفاعلية، ولعل أهم مشكلة مستقبلية بالنسبة للغة العربية وتنميتها هي الإسهام في تقليص الفجوة الرقمية بين المجتمعات العربية ومجتمع المعلومات.‏

وقد اخترت أن أعالج مسألة حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً لتحديات العصر أمام مستقبل اللغة العربية.‏

1 ـ مقدمة (تأطير علاقة اللغة العربية بالحوسبة):‏

شكلت نظرية المعلوماتية، ولاسيما الحوسبة، تحدياً معرفياً بالنسبة للغة منذ نضج هذه النظرية النسبي في أربعينيات القرن العشرين، ورأى ميلكا افيتش Milka Ivit في كتابه "اتجاهات البحث اللساني" Tends in Linguistics أن هذه النظرية طوّرت الدرس اللغوي المعاصر بتعاضدها مع المناهج المعرفية الحديثة مثل اللسانيات البنيوية "فيما وضحته من أن اللغة نظام يتشكل من وحدات محددة تحديداً دقيقاً، ويرتبط بعضها ببعض بعلاقات متبادلة، وأن هذه الوحدات محدودة من حيث العدد، وليست كبيرة، ولكن توليفاتها تمتد إلى ما لا نهاية. واعتماداً على هذه المقولة نجح علماء الرياضيات في تطبيق منهجهم التحليلي على اللغة"(2).‏

ونهض البحث العلمي الذي أفضى إلى حوسبة اللغة على مميزات متعددة لابد من مراعاتها والأخذ بها مثل العلاقة بين المنطوق والمكتوب، والعلاقة بين الصريح والضمني، والعلاقة بين اللغة ومفاتيحها الرمزية والرقمية (شيفراتها) والعلاقة بين قواعد الاستصحاب اللغوي (أصل الوضع ـ أصل القاعدة ـ العدول عن الأصل ـ الرد إلى الأصل..) والعلاقة بين بلاغية اللغة وبلاغتها التي تؤدي إلى تفاقم عمليات التناقل المفتاحي الآلي (الشيفري)، والعلاقة بين اللغة والمفتاحية الآلية (التشفير)، والعلاقة بين الحوسبة والوحدات اللغوية المختلفة (المعجمية ـ الصرفية ـ الصوتية ـ النحوية ـ الدلالية ـ التركيبية) ضمن بُناها الخاصة لدى التوليد والتحويل والتوزيع... إلخ. ويتطلب ذلك الإجابة عن مصاعب جمة هي تحديات في الوقت نفسه فيما يخص الأصول والزوائد من السوابق واللواحق ونحوية الآلة وإجراءاتها التقنية التالية، ناهيك عن مسائل التواصل القائمة على الحلول التقنية للمجاز والاستعارة والرمز والأمثولة والتمثيل الثقافي الذي ينتقل من ثقافة الكلمة إلى ثقافة الصورة، وفي سبيله للتأطير بالثقافة الرقمية.‏

لقد تنبه اللغويون العرب مبكرين إلى ضرورة العناية باللغة العربية والتنبه للمخاطر المحدقة بها فيما يفرضه العصر من تحديات، فأفتى عدد كبير من كبار الكتاب والأدباء عام 1923 بفتاواهم لصون لغتهم وتطورها "إزاء المدنية الغربية الحديثة وما يجدر به أن يقتبسه منها. إلى غير ذلك من المسائل الخطيرة التي تشغل أذهان المفكرين"(3). ورأى المفكرون العرب مثل إخوانهم من اللغويين أن تحديث اللغة العربية يستدعي استخدام المعاجم والقواميس في شغلها الجديد والمعاصر بالاستفادة من مبتكرات الحضارة وعلومها التي تسير في العالم بخطوات سريعة لا يمكن اللحاق بها، دون جهود مخططة ومبرمجة ومدروسة، وهو أمر لم يعد العرب أنفسهم له، بوصفها مشكلة حضارية في اعتقادهم، وأضاف معن زيادة (لبنان) على سبيل المثال "أن حل المشكلة اللغوية يكون عبر المزيد من التعليم والثقافة وارتفاع مستوى العلم والمعرفة"(4).‏

ولطالما دعا اللغويون العرب إلى تنمية اللغة العربية في العصر الحديث، ولاسيما تطوير المعاجم العامة والخاصة، فكتب عبد العزيز بنعبد الله (المغرب) أن المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي الذي تأسس عام 1969 عني ببحوث العلماء والمجامع اللغوية وبنشاط الكتّاب والأدباء والمترجمين وبالتعاون مع شعب التعريب في البلاد العربية وبالعمل بكل الوسائل الممكنة على أن تحتل اللغة العربية مكانتها الطبيعية في الثقافة العربية، وبمتابعة حركة التعريب خارج حدود الوطن العربي، وأورد إنجازات هذا المكتب في تنسيق المصطلحات وتأليف المعاجم العلمية والمعاجم الخاصة بالمصطلحات الحضارية جزءاً من معجم المعاني والمعجم المقارن الهادف إلى تفصيح العامية وإصدار دورية فصلية " اللسان العربي".. إلخ (5)، على أن هذه الجهود لم تلتفت إلى تأثير نظرية المعلومات على اللغة العربية، بينما تواصل هذا التأثير على اللغة منذ خمسينيات القرن العشرين.‏

واللافت للنظر أن غالبية اللغويين العرب غفلوا عن تأثيرات الحوسبة على الدرس اللغوي العربي، ومنه المعجم حتى وقت متأخر، فكتب أحمد أبو سعد (لبنان) عن " المعاجم العربية في واقعها الراهن وخطة تطويرها" عام 1997، واقتصر في رسم الخطة المتبعة في وضع المعجم المنشود على ثلاث تجارب قام بها، لا علاقة لها بحوسبة المعجم، وهي جمعه ألفاظ الحياة الدائرة على ألسنة العامة من أبناء الشعب في البيت والشارع والسوق والورشة والحقل ومجموع تراكيبهم وعباراتهم الاصطلاحية التي يأتون بها في تضاعيف كلامهم، وضمها في كتاب أصدره عام 1987 بعنوان "قاموس المصطلحات والتعابير الشعبية"، والتجربة الثانية هي قيامه بجمع طائفة كبيرة من التراكيب والعبارات التي استعملت في التاريخ قديمه وحديثه بمعان تتجاوز معانيها المعجمية إلى الدلالة على معان أخرى اكتسبتها من اصطلاح الناس على استعمالها بهذه المعاني، وصدر هذا الجمع في كتاب عام 1987 أيضاً، وجعل عنوانه "معجم التراكيب والعبارات الاصطلاحية العربية القديم منها والمولد"، والتجربة الثالثة هي انصرافه إلى جمع ما يظن من كلام الناس أنه عامي، وهو صحيح فصيح، أو ما هو وارد في قواميس اللغة، ولكنه غير مستعمل في كتابات الكتّاب، وغرضه من ذلك أن يعيد الاعتبار لما صحّ من كلام العامة داعياً إلى استعماله، لما فيه من وهج الحياة، ولاعتقاده أنه قد يتوافر فيه من الخصوبة وقدرة التعبير ما لا يتوافر في غيره، وقد ظهر عمله هذا عام 1990 بعنوان "معجم فصيح العامة". وتأكد اشتغاله المعجمي بعيداً عن الحوسبة في المخطط الواجب الالتزام به، ويتألف من إجراء عملية مسح شاملة للمادة اللغوية تشمل نتاج كل العصور، ودراسة ما جمع من المادة اللغوية في ضوء ما تدعو إليه الحاجة منها وإسقاط الممات والمهجور والحرص على إيراد معلومات عن اللفظ أكثر من مرادفه ونقيضه وتفسيره بما يتفق مع العلم وتقديم الشروح والتعريفات للقارئ خالصة مختصرة واضحة لا غموض فيها، فالمعجم لإزالة العجمة لا للزيادة فيها، وأخذ التطور الدلالي بعين الاعتبار إثبات معاني الكلمات بما يحقق دلالتها القديمة والوصل بينها وما تطور إليه معناها في مجال الاستعمال، وفتح صفحات المعاجم لكلّ ما تولّد حديثاً ودمجه في متنها والاستفادة من لغة العامة في ما وضعته لما ليس له مقابل في الفصيح(6).‏

ولعل الاهتمام الأول بحوسبة اللغة هو الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، حين خصَّصت إشكالية استعمال اللغة العربية في مجال اللغة العربية بدراسة مستفيضة قام بها عدد من المختصين بالمعلوماتية بالدرجة الأولى، فليس هؤلاء من علماء اللغة أو المشتغلين بها، غير أن أطروحاتهم في منتهى الأهمية مما يستدعي تضافر جهودهم مع اللغويين العرب باختصاصاتهم المتعددة، فقدم محمد بن ساسي (تونس) نبذة تاريخية عن استخدام اللغة العربية في مجال المعلوماتية، اقترح مروان البواب ومحمد حسان الطيان (سورية) وسالم الغزالي (تونس) أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية (الكلمة والجملة عند الباحثين الأولين والمعالجة الآلية للكلام المنطوق عند الثالث)،ووضع محمد مراياتي (سورية) توصيفاً عملياً لتعامل الأجهزة والمعدات مع الحرف العربي، ووضع محمد بن أحمد (تونس) رؤية علمية للغة العربية والنظم الحاسوبية والبرمجيات، وأكمل أحمد أبو الهيجاء (الأردن) هذه الرؤية بتحديد المواصفات والمقاييس لتعريب المعلوماتية، على أن اهتمام هؤلاء الخبراء لم يجاوز تشخيص إشكالية حوسبة اللغة العربية إلى حوسبة مكوناتها مثل المعجم والمفتاحية الآلية لعلائقه الكثيرة الناجمة عن هذه الحوسبة، فذكر محمد بن ساسي على سبيل المثال أن الإشكالية قائمة على تقديم حلول لكتابة الحروف العربية لبعض الأقطار والمنظمات العربية التي تطالب بأجهزة معربة، ويستلزم ذلك وضع مفتاحية آلية (شفرة) عربية موحدة حتى يلتزم بها كل مسوقي تجهيزات الحاسوب، لأن ذلك سند البرمجيات في تعريب التطبيقات الحاسوبية والبرمجيات، وهي عملية تهتم خاصة بإيجاد حد بينيّ وبين البرنامج والمستفيد باللغة العربية، و"تعريب نظم تشغيل الحواسب وتعريب البرمجيات التي أعدت بطريقة تساعد على تعريبها، ذلك في نطاق ما يسمى بعملية تدويل البرمجيات، وهي منهجية اعتمدت حديثاً لتغطية الحاجات المتزايدة لملاءمة البرمجيات إلى لغات ومحيطات ثقافية واجتماعية معينة"(7).‏

وذكر محمد مراياتي أن ثمة إشكالية تستدعي مضاعفة الجهود لوضع تعامل الحرف العربي مع الأجهزة والمعدات مثل:‏

"1ـ ترميز الحرف المكتوب وتقييسه.‏

2ـ ترميز الحرف المنطوق.‏

3ـ توزع الحروف العربية على لوحة الملامس.‏

4ـ تقييس الأقلام العربية وإظهارها على الشاشات والطابعات.‏

5ـ تحرير النصوص وتنضيدها.‏

6 ـ معاملة الحرف العربي على شبكات الاتصال من حيث نقل المعلومات أو أمنها.‏

7 ـ ضغط النصوص العربية بغية خزنها في ذاكرة الحاسوب اقتصادياً.‏

8ـ تحاور المعوقين مع الآلة باللغة العربية"(مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية Icon_cool.‏

واعترف هؤلاء الخبراء، على أهمية إنجازهم في حوسبة اللغة العربية خلال ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته، بأن السعي لحوسبة اللغة مازال قاصراً، "ولابّد من الإسراع في العمل في نطاق لجنة عربية موحدة تعمل تحت مظلة عربية حتى نتمكن من التوصل إلى مواصفات عربية موحدة"(9).‏

وكانت جهود نبيل علي (مصر) الأبرز في درس حوسبة اللغة العربية من خلال الشروع في البرمجيات التي ميزت بين هندسة اللغة ( هندسة) واللغويات الحاسوبية (علوم الحاسوب) ونظرية المعرفة (الفلسفة) تمهيداً لوضع إطار تقانة المعلومات من منظور لغوي. إن علاقة اللغة بهندسة الحاسوب متبادلة حين يستخدم الحاسوب لإقامة النماذج اللغوية وتحليل فروعها المختلفة،وذكر قائمة من تطبيقاتها في مجال اللسانيات هي:‏

ـ الصرف الحاسوبي Computational Morphology.‏

ـ النحو الحاسوبي Syntax Computational.‏

ـ الدلالة الحاسوبية Semantics Computational.‏

ـ المعجمية الحاسوبية Lexicology Computational.‏

ـ علم النفس اللغوي الحاسوبي Psycholinguistics Computational.‏

ويستدعي كلّ مجال من هذه القائمة تطويراً للغات البرمجة التي تقرّب بين " اللغات الاصطناعية واللغات الطبيعية بهدف تسهيل التعامل مع الكومبيوتر دون وسيط برمجي. إن الهدف الأسمى لبرمجة الكمبيوتر هو أن يتعامل الفرد معه مباشرة بلغته الطبيعية، لا من خلال لغات اصطناعية مثل البيسيك والفورتران والكوبول وخلافه.. يمكننا القول إن علم اللغة الحديث قد دخل إلى مصاف العلوم الدقيقة من المدخل السليم، فقد قام على النموذج الرياضي للنحو التوليدي الذي يتميز بقابلية عالية للمعالجة الآلية Computationally وبالتالي للتطبيق الهندسي العلمي"(10).‏

ويلاحظ أن الدراسات اللسانية العربية بتعبير مازن الوعر (سورية) قد حوت "محاولات جادة لتطويع تقنيات الحاسوب للغة العربية بما يتوافق مع شخصيتها ومحارفها ورسومها من جهة، ولمواءمة قواعد اللغة العربية وخصائصها للحاسوب من جهة أخرى بادئة ببرمجة الحروف والنصوص العربية بهدف تحسين الاتصال الآلي بين الإنسان والحاسوب"(11).‏

ونجم عن هذه المحاولات إشكاليات تتطلب المعالجة المستمرة، ولاسيما المعرفة اللغوية الصرفية والصوتية والتركيبية والدلالية كما أشرنا في مطلع البحث، إذ لا يتعلق الأمر بالاشتقاق والنحت أو بظاهر الألفاظ فحسب، بل يجاوزه إلى التأصيل والمقارنة والعقلنة والنظم المستوعبة لثنائيات اللغة الجمة كالأصيل والدخيل والفصيح والعامي والعربية والأجنبية والعربية والفئوية المحلية ..إلخ.‏

وتتفاقم هذه الإشكاليات ما لم تتلاق الوظائف الحاسوبية في تثمير أبعاد اللغة العربية وثراء معانيها وخصوصيات بناها كالحاسوب النسبيAnalog والرقمي Digital نحو تفعيل النظم الإشارية والرمزية والدلالية للكلمة في نسيجها التركيبي والمجازي.‏

صار لازماً وميسوراً في الوقت نفسه تحديث اللغة العربية من خلال الحوسبة للإجابة عن المشكلات اللغوية والتقنية الكثيرة، ومنها حوسبة المعجم العربي.‏

2 ـ اللغة العربية وتحديات الحوسبة:‏

ثمة تحديات كثيرة للحوسبة أمام اللغة العربية من النشر الإلكتروني وأهمية تعريبه إلى شمولية منظومة اللغة العربية بالحاسوب، وأكتفي بالإشارة إلى قضية التفكير العربي بالحاسوب وتطويره استطاعة اللغة العربية المعلوماتية تمهيداً للنظر في حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية.‏

إن النظر في تحديات المعلوماتية أمام اللغة العربية يستدعي مواجهة قضية التفكير بالحاسوب، كتابة وتثقيفاً واستعمالات تقنية في المهن والأعمال الكثيرة التي يقوم بها الحاسوب. وثمة من يبادر إلى القول إننا ربحنا أشياء مثل السرعة والتخزين والخيارات الآنية ولكننا خسرنا أشياء مثل التدقيق والتأمل والمراجعة الأسلوبية. غير أن القضية أعقد من ذلك بكثير، لأنها قضيّة متعددة الوجوه والإشكاليات من النطق إلى الكتابة إلى الإيصال إلى الابتكار والإبداع مما يتعلق بطبيعة اللغة نفسها وبخصائص اللغة العربية في استخداماتها المعلوماتية، وقد ثبت بالممارسة طواعية اللغة العربية لتقانات المعلوماتية سواء في أساليب معالجة الكلمة والجملة،أو في المعالجة الآلية للكلام المنطوق، أو في تعامل الأجهزة والمعدات مع الحرف العربي، والأهم قابلية اللغة العربية واستطاعتها المثلى لاحتواء النظم الحاسوبية والبرمجيات، مثلما ثبت أيضاً سعة ميادين استخدام اللغة العربية في المعلوماتية كالتوثيق والتخزين والتعليم والتعريب والإبداع والاتصال، فحُلت المشكلات المتصلة بالحرف العربي، وصارت المعدات والأجهزة متوافرة نسبياً، ولاسيما أعمارها ومدى انتشارها الإقليمي والمقدرة على الإنفاق المتواصل عليها لمجاوزة صعوبات إنجاز برمجيات ونظم متداخلة ومتطورة، على أن أمراً آخر لابدّ من مراعاته وتقديره وهو أن النظم الأساسية ونظم التشغيل في مجملها أصبحت متاحة باستعمال الحرف العربي، وساعد على ذلك اتساع سوق المعلوماتية العربي مما جعل شركة "ميكروسوفت" تتيح للتداول المستمر عدة نظم معلوماتية مكروية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اللغة العربية، حتى غدا ميسوراً استخدام اللغة العربية في ميادين الابتكار والإبداع والاتصال عن طريق الذكاء الاصطناعي وتطويع الخيال المعلوماتي وتقاناته لحاجات استعمال اللغة العربية.‏

ويذكر محمد بن ساسي ( تونس) إشكاليات متعددة لابد للمعنيين باستخدام اللغة العربية في المعلوماتية أن يواجهوها، شأن المشتغلين باللغات الأخرى، بالنظر إلى التقدم الهائل والمتسارع لتقانات المعلوماتية وإمكاناتها الجبارة مثل " الإشكاليات التي كانت متمحورة حول الحرف العربي فأصبحت الآن متمركزة حول اللغة ككل، من مصطلحات إلى معالجة الكلمات و الجمل (استخراج الجذور ـ تطبيق الأوزان ـ وضع خوارزميات للغة) من ناحية، وتوفير تطبيقات تلبي حاجة المستفيد من ناحية ثانية. كما أن التقييس لم يؤدّ دوره إلاّ في بعض الحالات النادرة، فالمواصفات العربية لم تطبق في غالبيتها، لأن الأقطار العربية لم تتخذ الإجراءات العملية لتطبيقها، ولم تقم بالعمل التحسيسي اللازم. وثمة أيضاً ضعف المصطلحات وفقدانها الذي أصبح عائقاً مهماً أمام تعريب المعلوميات ونشرها والاستفادة منها على أحسن الوجوه"(12).‏

إن ثمة جهوداً كبيرة مبذولة اليوم بين علماء العربية والمعلوماتية لمواجهة مثل هذه الإشكاليات وأشير، على سبيل المثال، إلى جهد توصيف العربية، مثلما فعل نهاد الموسى (الأردن)، تمهيداً لإدغام اللغة العربية وقواعدها وخصائصها في المعلوماتية، إذ " يتوجه الوصف بكلّ ما ينظمه من عرض النظام اللغوي إلى الإنسان بما ركب في العقل الإنساني من قابلية لاستدخال هذا النظام بقواعده ومعطياته وآليات عمله في معالجة ذلك وبرمجته. وهي قابلية كامنة في العقل الإنساني تزودّه بحدس قادر على ملء ثغرات الوصف"(13).‏

ومبلغ القول، حسب ما ذكره الموسى، أن الوصف للإنسان وأن التوصيف للحاسوب، فللإنسان حدس، وليس للحاسوب حدس، وللإنسان فهم وليس للحاسوب، حتى الآن، فهم. ويفيد هذا الرأي أن توصيف اللغة (من أجل استخدامها في الحاسوب مثلاً) يتخذ بعدين آخرين: كمياً ومنهجياً. أما الكمي فيتعلق بالذاكرة الحافظة؛ ذلك أن ذاكرة الحاسوب تفوق الذاكرة الفردية من هذه الجهة؛ إذ يمكنه استيعاب معجمات اللغة ونصوصها بل تراثها جميعها، فإذا رتب له المرء مفاتيح ذلك أمكنه استدعاء كل ما شاء من المعطيات التي يشتمل عليها بأسرع وأوسع مما تطيقه الذاكرة الفردية(14).‏

ولو تأملنا فضاءات استخدام اللغة العربية في نظم تشغيل المعلوماتية لهالتنا النتيجة على الرغم من أن مجهودات التعريب، حسب ما ذكره محمد بن أحمد (تونس)، لم تكن في مستوى هذه الأهمية الوظيفية، ويمكن تفسير هذا العزوف بصعوبة الموضوع وبضرورة تشريك أو إقناع مصنعي الحواسيب بهذه الضرورة، فمازال موقف الشركات المصنعة للحواسيب متوسطة الحجم وكبيرته يعتمد على إقرار ضرورة تشغيل الحواسيب في محيط ثقافي مغاير للمحيط الذي شهد نشأتها دون الاقتناع بضرورة استنباط نظام تشغيل يكون عربي التصميم والتطوير والاستفادة.‏

أي أن مجهودات شركات تصنيع الحواسيب خيّرت الاعتماد على قدرتها الذاتية بالتعاون في بعض الأحيان مع خبرات عربية عاملة تحت لوائها لإصدار نسخ عربية أو بصفة أدق نسخ من نظم التشغيل قادرة على التعامل مع الحرف العربي تحصيلاً ومعالجةً واسترجاعاً وعرضاً على الشاشات والطابعات على اختلاف أنواعها.‏

وبالرغم من تعدّد المعوقات فإن عزيمة تطويع تقانة المعلوميات في مختلف أبوابها كانت وراء عدد من التجارب لأقلمة نظم التشغيل، وإن توجهت معظم هذه التجارب إلى نظم تشغيل الحواسيب العائلية والحواسيب الشخصية.‏

وقد باتت تجارب تشغيل المعلوماتية باللغة العربية معروفة، وغدت منطلقاً للتطوير القائم والمستمر من حيث المنهجية والغائية، ولعله من المفيد أن نشير إلى بعض هذه التجارب:‏

فالتجربة الأولى تمت بالكويت من خلال مشروع الأستاذ عبد الرحمن الشارخ وشركته " العالمية" التي صنعت حاسوب عائلي "صخر" يعمل بنظام MSX الياباني والذي تمت كتابته بالعربية مما جعل حواسيب من صنف "صخر" تشتغل في محيط عربي أصيل. يتيع‏

أما التجربة الثانية فهي التي انطلقت ضمن شركة "أليس ALIS" التي بعثها الأستاذ بشير حلمي الجزائري المنشأ بكندا والتي حاولت تصميم نظام عربي ARABIC DOS موائم لنظام MS- DOS المطوّر من طرف بين البرمجيات الأمريكية MICROSOFT لصاحبها Bill Gates قبل أن تتفق الشركتان على إدماج النسخة العربية ضمن قائمة النسخ المتوفرة بعديد اللغات في نظام التشغيل MS- DOS.‏

أما التجربة الثالثة فهي التي حاول من خلالها بعض الخبراء العرب توفير نظام اليونيكس UNIX بالعربية تماشياً مع ما لاحظوه من أهمية متزايدة لهذا النظام، ولسعة استغلاله سواء على الحواسيب الصغرية أو المتوسطة أو الكبرى(15).‏

ولعنا بعد ذلك نجاوز الاهتمام بقضية التفكير بالحاسوب إلى المضي عميقاً في تطوير استخدام اللغة العربية العربية واستطاعتها المعلوماتية(16).‏

3 ـ حوسبة المعجم العربي:‏

عدّ محمود فهمي حجازي (مصر) حوسبة المعجم من أهم مجالات علم اللغة الحاسوبي وأكثرها تلبية للمتطلبات العلمية والثقافية في الدول المتقدمة في العالم المعاصر. إذ " يقدم الحاسوب خدمات كبيرة للبحث اللغوي والأدبي من خلال المعاونة في إعداد معجمات المدونات، والمقصود بمعجمات المدونات كل الأعمال المعجمية التي تقوم على الإعداد المعجمي لمجموع الكلمات الواردة في نص محدد". وتتجلى أهمية الحاسوب في صناعة المعجم فيما يلي:‏

" ـ تعرف الحروف والكلمات آلياً.‏

ـ تخزين المادة.‏

ـ ترتيب المادة طبقاً للنظام المطلوب.‏

ـ استرجاع المادة أو بعضها.‏

ـ استكمال أجزاء من المادة أو من الشرح.‏

ـ تعديل بعض المعطيات.‏

ـ حذف بعض المعطيات.‏

ـ النقل المباشر إلى المطبعة.‏

ـ تجديد المعجمات بسهولة.‏

ـ الحصول على أجزاء محددة من داخل المادة المخزونة لبحثها"(17).‏

وحدد حجازي فوائد حوسبة المعجم الأخرى في المجالات التالية:‏

ب ـ إن بنك المعطيات اللغوية يتجاوز تخزين الكلمات إلى النصوص:‏

ـ يقوم على الحاسوب في كل العمليات المذكورة (في تقصي أهمية الحاسوب في صناعة المعجم).‏

ـ يخزن النصوص كاملة.‏

ـ يفيد في تعريف سياقات الاستخدام.‏

ـ في دراسة الأبنية الصرفية والتصريفات.‏

ـ في دراسة العلاقات النحوية بين المفردات.‏

ـ في دراسة مستويات الاستخدام: علمي / صحافي/ رسمي/ ودي...إلخ.‏

جـ ـ بنك المصطلحات شكل من أشكال الحاسوب يقتصر على المصطلحات وما يتصل بها:‏

ـ يخزن المصطلحات مصنفة طبقاً للتخصصات العامة والدقيقة.‏

ـ يذكر المصطلح ومقابلة بلغة أخرى أو أكثر من لغة.‏

ـ يذكر من المصطلح تعريفاً له.‏

ـ يمكّن من صنع معجمات المصطلحات وتجديدها وطبعها بسهولة.‏

ـ يعاون المترجمين المتخصصين بتقديم المصطلحات لهم.‏

ـ تكون الإفادة من البنك عن طريق طرفيات Terminal أو بطبع المصطلحات على قرص مدمج CD"(18).‏

وأضاف حجازي فائدة أخرى للحاسوب في مراحل صناعة المعجم لدى متابعة نمو المفردات وتكوّن التراكيب في اللغات العالمية الكبرى مما يتيح لصناعة المعجمات بعد ذلك المساهمة في إحداث نهضة حقيقية في سياق ثقافي مجتمعي.‏

ووجد مازن الوعر أن حوسبة المعجم العربي هامة جداً في وضعه وتنظيمه، "ولكنه يفتقر إلى من يقوم بدراسته، لأنّ من يبحث في الاتجاه المعجمي قليل أو نادر في العالم العربي، علماً أن هناك معاجم حاسوبية وإلكترونية متنوعة في الغرب تساعد على السرعة والدقة في إيجاد المصطلح للمفهوم المستحدث"(19).‏

واجتهد خبراء الحواسيب في توصيف حوسبة المعجم، بالنظر إلى منظومتين هما معجم الوحدات الصوتية وبرنامج التأليف اعتماداً على نظام تأليف الكلام العربي، إذ تخزن الوحدات الصوتية في معجم، وتكون قابلة للاستعمال في كلمات أخرى، وتعالج "كل واحدة منها بوضع علامات على الجزء الثابت في كل من الصوتين اللذين يكونان الوحدة وعلى فترات التذبذب للأصوات المجهورة"(20)، وإذا كانت حوسبة المعجم تصل إلى تخزين الوحدات الصوتية ومعالجة الكلام المنطوق ، فإن معالجة الكلام المكتوب أيسر، وتفيد حوسبتها في البعد الاتصالي من جهة، وفي خدمة اللغة العربية حفاظاً على الهوية الثقافية من جهة أخرى.‏

وقد بدأت بعض المجامع اللغوية العربية بإنجاز مشروعاتها في إطار "حوسبة الذخيرة اللغوية العربية" مثل المجمع الجزائري للغة العربية؛ بهدف "حيازة أهم نتاج اللغة العربية من أدب وعلوم على وسائط حاسوبية لتوفير بنك معطيات نصية عربية محوسب يمكن نشره عبر شبكة الإنترنت ومن خلال وسائل رقمية ليتسنى لأي مستخدم الإطلاع عليه بكلّ يسر"(21).‏

وقد أفاد موسى زمولي (الجزائر) إلى علامات هذا المشروع وأسئلته قبل الخوض في الأجوبة واقتراح الحلول من حيث بداءة مشروع الحوسبة وشروط انتقاء النصوص لضمّها للذخيرة والمستخدم المستهدف لذخيرة اللغة العربية المحوسبة، فثمة مواقع عربية كثيرة على شبكة الإنترنت تجعل قابليات الوصول إلى برمجيات عديدة متاحة مثل نظام القرآن الكريم ونظم المواريث والحديث الشريف.. إلخ، وضرورة التنسيق فيما يتعلق بإنشاء شبكة بيانات حاسوبية عربية ومواجهة العوائق الفنية التي تتعرض حيازة هذه الذخيرة اللغوية. وعرض زمولي أمثلة من التطبيقات الحالية لحوسبة اللغة العربية التي لا تواكب عمليات حوسبة اللغة العربية، ومنها حوسبة المعجم العربي، وأورد عدداً من التوصيات النافعة في هذا الإطار مثل اختبار المؤلفات واختبار المنهجية وتحديد الأولويات والاستناد على أبحاث اللسانيات وضبط الجانب الفني والمحافظة على سلامة المشروع من خلال اعتماد قواعد وقائية وأمنية وتأمين الموارد البشرية اللازمة والتمويل والتشريعات التي تحثّ المثقفين والمراكز الاتصالية على توفير إنتاجهم على وسائط رقمية لتسهيل مهمة الاستفادة منها(22).‏

وتؤدي حوسبة اللغة العربية إلى تسيير شبكة الإنترنت التي تجمع بين " عدة شبكات معلوماتية فيما بينها لتسمح للمشتركين فيها في كل أرجاء العالم بالتحاور فيما بينهم وتبادل المعلومات"، وهذه" أحدث وسيلة اتصال تختزل الوقت والمسافات، وتساهم في رفع مختلف الحواجز التي تحول دون المرور الحرّ للمعلومات إرسالاً واستقبالاً، سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى المؤسسات أو الهيئات"(23).‏

وتلبي شبكة الإنترنت خدمات كثيرة من نظم نقل الملفات والبريد الإلكتروني إلى النقاش الحرّ والتعليم عن بعد والإطلاع على المعلومات،وتتدرج الملفات النصية ومثيلاتها في خدمة حوسبة المعجم العربي مثل الصور الثابتة والأصوات والصور المتحركة والواقع الافتراضي والنص الممنهل Hyper text ( وهو النص الذي يكون مسجلاً في ملف يتضمن وسائط اتصالية متعددة كالنص والصورة والصوت..إلخ).‏

وقد أنجز خبراء المعلوماتية في سورية المعجم الحاسوبي ضمن قاعدة معطيات data base وعلى القوانين الصرفية والنحوية لقواعد الاشتقاق. ويحتوي على جميع الجذور المعجمية الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية. وقد بلغ عددها في إحصائهم 11347 جذراً توزعت على النحو التالي:‏

115 جذراً ثنائياً،وهذه الجذور هي تراكيب لا اشتقاق فيها.‏

7198 جذراً ثلاثياً، وهي أكثر الجذور خصوبة.‏

3739 جذراً رباعياً، وهي دون الثلاثية في الخصوبة.‏

295 جذراً خماسياً، وهي أقل الجذور خصوبة.‏

واعتمدت هذه الإحصائية على خمسة معاجم أصول هي " جمهرة اللغة" لابن دريد و "تهذيب اللغة" للأزهري، و"المحكم" لابن سيده، و" لسان العرب" لابن منظور و" القاموس المحيط" للفيروزأبادي، بلغت في مجموعها 43 مجلداً، ومما يجدر ذكره أن المعجم الأكبر " تاج العروس من جواهر القاموس" ستنجز حوسبته في مطلع هذا العام حسب إعلان المجلس الوطني في الكويت.‏

كما يحتوي المعجم الحاسوبي على جميع الأفعال الثلاثية والرباعية، المجردة والمزيد، التي بلغ عددها في الإحصائية 23490 فعلاً، وجميع هذه الأفعال المخزنة في المعجم الحاسوبي سماعية، سواء في ذلك أبواب تصريفها الستة للأفعال الثلاثية المجردة أو صيغ مزيداتها الخمس عشر للأفعال المزيدة (12 للثلاثي المزيد و 3 للرباعي المزيد)، واشتمل المعجم الحاسوبي أيضاً على المعارف المعجمية السماعية لا يطّرد فيها قياس نحو أبواب تصريف الأفعال وحروف التعدية ومصادر الأفعال الثلاثية والأسماء الجامدة والصفات المشبهة.. إلخ. أما ما يطّرد فيه القياس كالأسماء المشتقة ومصادر الأفعال فوق الثلاثية، فإن المعجم خلو منها، لأن الحاسوب قادر على توليدها وفق قواعد الاشتقاق المحددة لها، ولا حاجة لأن تكون مخزنة في معجمه(24).‏

4 ـ قضايا تحديات حوسبة المعجم العربي:‏

ثمة قضايا هي مشكلات ناجمة عن تحديات حوسبة المعجم العربي، نذكر منها:‏

4 ـ 1 ـ النحو وتيسيره:‏

يقدم المعجم، فيما يقدمه، معلومات نحوية أساسية مثل التعدي واللزوم والمطابقة والأفعال الناسخة وأفعال المدح والذم والممنوع من الصرف والتمييز والحال والاستثناء وإعراب الأدوات وتعيين الشواهد و الإشارة إلى المسائل النحوية.. إلخ.‏

وتتصل المعلومات النحوية بالأسس اللغوية الأخرى مثل بيان النطق والإملاء وبيان الصيغ الصرفية وبيان الدلالات بدقة وبيان التراكيب السياقية وبيان المستوى اللغوي للكلمة طبقاً لورودها في مستوى واحد أو أكثر من مستوى وبيان الاستخدام المحلي للكلمة، إن وجد، وبيان موقع الكلمة في تاريخ اللغة ومدى كونها بائدة أو مولدة أو محدثة وبيان تأصيل الكلمة في داخل الأسرة اللغوية وصيغ انتقالها من أسرة لأخرى(25).‏

وتستلزم حوسبة المعجم تحديد المنطلقات التأسيسية في النحو العربي، وهي مجموعة المعايير والمقاييس المعتمدة لدى النحويين العرب والأوائل، والتخفيف من تعددية المدارس النحوية بالتواضع على هذه القواعد الكلية المستمدة من استقراء اللغة في مصادرها الطبيعية: القرآن والحديث النبوي والشعر والنثر. وقد حصرها اللغويون الجدد فيما يلي:‏

"1ـ الفصاحة: مواطنها ومقاييسها.‏

2ـ مستويات الأداء اللغوي.‏

3 ـ القراءات القرآنية وموقف النحاة منها.‏

4ـ الشواهد الشعرية: المقبولة منها وغير المقبول.‏

5ـ الحديث النبوي: هل يستشهد به؟ ولماذا؟‏

6ـ منهجية البحث: تطبيق أكثر مناهج العلوم المختلفة على النحو"(26).‏

وتتصل منهجية البحث في تقرير الظواهر النحوية بمفهومها العام باعتماد المنهج الوصفي القائم على الإحصاء من جهة وتطبيق بعض أفكار النهج التاريخي والمقارن من جهة أخرى، وقد لاحظ بعض اللغويين مبكرين أهمية تقرير الظواهر النحوية من سيرورتها التقليدية وقوانينها الخاصة، لا تطبيق أفكار النحو الأوروبي أو المناهج الحديثة مثل القواعد التوليدية والتحويلية (تشومسكي) أو نظرية التواصل ومسألة النظم (ياكوبسون)..إلخ.‏

فذكر عبد الصبور شاهين( مصر) في مقدمته لتعريب كتاب هنري فليش Henri Fleish " العربية الفصحى: نحو بناء لغوي عربي جديد"Esquisse D'une structure Linguistique L'ARABE CLASSIQUE أن مشكلة الدراسات اللغوية العربية " مشكلة مصطلحات، فما زال أساتذة علم اللغة الحديث من العرب يحاولون أن يضعوا ترجمات ومقابلات لما يصادفون من مصطلحات غربية، نتجت من اختلاف التقسيمات أو تصحيح المدلولات"(27).‏

ولعل تأمل دراستين تأخذان بنظريتي تشومسكي وياكوبسون المشار إليهما آنفاً يفصح عن صعوبة تطبيقهما على اللغة العربية ما لم تثّمر لدى مواءمتها للمنطلقات التأسيسية للغة العربية صوتية وصرفية ونحوية وتركيبية ودلالية. إن نظرية تشومسكي على سبيل المثال تستند إلى دراسة المبنى اللغوي، ولاسيما وصف بنية الجملة وعلائقها بالكلمة وكيفية إقامة قواعد عامة تتيح استنباطها بطرق صورية، ورأى عادل فاخوري (لبنان)، واضع كتاب " اللسانية التوليدية والتحويلية" أن ثمة عدم مقدرة لهذه القواعد التوليدية على تفسير كثير من التراكيب اللغوية العربية، مما دعاه إلى معالجة القواعد التحويلية وتطبيقها على اللغة العربية. غير أن الصعوبة تتفاقم لدى تطبيقها بمعزل عن اندغامها بقواعد اللغة العربية، فاستدل من هذه الشواهد وغيرها الكثير في لغة العرب " أن الجملة، إلى جانب البنية الظاهرة، بنية مقدرة تضبط خواصها الجلالية؛ فلكي يؤدي النحو حساباً عن هذا التمييز، وجب أن يتضمن من جهة قواعد بنيوية تستطيع توليد البنية المقدرة الأصلية للجملة ومن جهة قواعد تحويلية تشر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مستقبل اللغة العربية : حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صحيفة الاقتصادية الالكترونية : مستقبل اللغة العربية برؤية أجنبية
» كتاب الطهي العربي - فن الطبخ و إعداد المأكولات و الحلويات العربية
» الألفاظ الأجنبية في اللغة العربية بشكل عام وفي اللهجة السعودية
» اللغة والهوية الوطينة في تعليم العربية كلغة أجنبية
» الفاظ اجنبية اصبحت في اللغة العربيه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الأدبي :: منتدى اللغة العربية وأجنبية-
انتقل الى: